الإسلام عقيدة وشريعة
منذ أن خلقَ الله الإنسانَ بعثَ لهُ رُسُلاً يدعونهُ إلى عبادةِ الله الواحد الذي لا شريكَ له، فكان الرُسُل والأنبياء الكِرام عليهم السلام يحملونَ منهجَ تبليغِ الحقّ للناس من خلال الكُتُب السماوية التي أنزلها الله معهُم لتكونَ سبباً في بيان الحقّ للناس، ووضع القوانين التي تُنظّم حياتهُم، وفي كُلّ قومٍ من الأقوام السالفين بعثَ الله رُسُلاً إليهِم، وخِتاماً لسلسة الأنبياء والرُسُل على الأرض بعثَ الله سيّدنا مُحمّداً عليهِ الصلاةُ والسلام ليكونَ للناس كافّة، فقد أُرسِل في زمنٍ كانت الدُنيا تعيشُ في أظلمِ فتراتها وأكثرها جهلاً، فأخرجَ الله بهِ الأرضَ من الظُلماتِ إلى النور، وتتّصف رِسالة النبيّ مُحمّد عليهِ الصلاةُ والسلام بأنّها رِسالةٌ شامِلة لكلّ مناحي الحياة، وكذلك هي صالحةٌ لكلّ زمانِ ومكان، وسنتحدّث في هذا المقال عن مُصطلحين عظيمين في هذا الدين القويم، وهُما العقيدة والشريعة وسُنبيّن معنى كُلٍّ منهُما.
الإسلام عقيدة وشريعة
يتم تعريف العقيدة الإسلاميّة على أنّها اليقين الراسخ والإيمان الجازم بالإسلام، وبأنّهُ لا إله إلاّ الله وأنّ مُحمّداً رسولُ الله، وينعقدُ هذا اليقين في القلب كعُقدةِ الحبل التي لا تُفك، فهي عقيدةٌ قلبيّة تُصدّقها الأفعال والأعمال، والعقيدة الإسلاميّة هي عقيدة التوحيد والإخلاص لله وحده من دون شركٍ ظاهرٍ أو باطن، من دونِ مِراءٍ أو رياءٍ أو ابتغاءٍ لغيرِ وجهِ الله.
والعقيدة الإسلاميّة هيَ عقيدةُ الولاء والبراء، ولاءٌ لله ورسوله وبراءةٌ من أعداء الدين، وهيَ تشملُ الإيمانَ بصفاتِ الله وأسمائهِ الحُسنى من غيرِ تمثيلٍ أو تشبيهٍ أو تعطيلٍ، فالمُسلِم يؤمن بأنَّ الله تعالى ليسَ كمثلهِ شيء وهوَ السميعُ البصير، وهذهِ هيَ العقيدة التي تركنا عليها رسُولنا عليهِ الصلاةُ والسلام والصحابةُ الكرام وتابعيهِم وهُم خيرُ القُرون.
أمّا الشريعة فهيَ الطريقة والمنهج، وفي الاصطلاح هيَ مجموعةُ القوانين والتشريعات الإسلاميّة التي تُنظّم أمورَ الدين والدُنيا، والشريعة تتميّز بأمرٍ خاصّ فيها يُميّزها عن العقيدة، فالعقيدة أو ما يُطلق عليها الدين أيضاً هيَ ثابتةٌ لا تتغيّر فهيَ الإيمان بالله وحده وبأسمائه وصفاته، وهي الإسلام لله وحده، ولم يرتضِ الله تعالى للبشر غيرَ الإسلامِ ديناً، بينما الشريعة فهيَ مُتغيّرةٌ بحسبِ كُلّ زمان، فلكلّ رسولٍ من السابقينَ عليهم السلام شريعةٌ خاصّةٌ لأقوامهم تختلفُ فيها الأحكام، فقد كانت الصيام في السابق صياماً عن الكلام، بينما في شريعة الإسلام التي جاءَ بها رسولُ الله مُحمّد عليهِ الصلاةُ والسلام فيُباحُ فيها الكلام، وهذا مثالٌ على اختلافها في كُلّ قوم، فقد قالَ اللهُ تعالى: (لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا)، وقالَ عليهِ الصلاةُ والسلام: (الأنبياء إخوة لعلات، أمهاتهم شتى، ودينهم واحد) رواهُ البخاريّ.