كيفية الغسل من الجنابة
- الغُسل الواجب:
وهو الذي من أتى به أجزأه، وارتفع حدثه، وهو ما جمع شيئين: الأوّل: النّية، وهي أن يغتسل بنيّة رفع الحدث، والثّاني: تعميم الجسد بالماء.
- الغُسل الكامل:
وهو ما جمع بين الواجب والمستحبّ، ووصفه كالآتي:
يغسل كفّيه قبل إدخالهما في الإناء، ثمّ يفرغ بيمينه على شماله فيغسل فرجه، ثمّ يتوضأ وضوءه للصّلاة كاملاً، أو يؤخّر غسل الرّجلين إلى آخر الغسل، ثم يفرق شعر رأسه، فيفيض ثلاث حثيات من ماء، حتى يروى كلّه، ثمّ يفيض الماء على شقّه الأيمن، ثمّ يفيض الماء على شقّه الأيسر، وهذا هو الغسل الأكمل والأفضل، ودليله ما في الصّحيحين من حديث ابن عباس عن خالته ميمونة رضي الله عنهما، قالت:" أدنيت لرسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - غسله من الجنابة، فغسل كفّيه مرّتين أو ثلاثاً، ثمّ أدخل يده في الإناء، ثمّ أفرغ به على فرجه وغسل بشماله، ثمّ ضرب بشماله الأرض فدلّكها دلكاً شديداً، ثمّ توضأ وضوءه للصّلاة، ثم أفرغ على رأسه ثلاث حفنات ملء كفّه، ثمّ غسل سائر جسده، ثمّ تنحّى عن مقامه ذلك فغسل رجليه، ثمّ أتيته بالمنديل فرده ".
ومن اقتصر على الصّفة الأولى من النّية وتعميم الجسد بالماء، أجزأه ذلك ولو لم يتوضّأ، لدخول الوضوء في الغسل، وهذا الغسل للرجل والمرأة، إلا أنّ المرأة لا يجب عليها أن تنقض ضفيرتها إن وصل الماء إلى أصل الشّعر، وبأحد هذين الاغتسالين يكون الرّجل أو المرأة قد تطهرا من الجنابة، وكذلك يكون تطهّر المرأة من الحيض والنّفاس.
الجنابة
عن عائشة رضي الله عنها قالت:" كان رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - إذا اغتسل من الجنابة غسل يديه، وتوضّأ وضوءه للصلاة ثمّ اغتسل، ثمّ يخلل بيده شعره؛ حتّى إذا ظنّ أنّه قد أروى بشرته أفاض عليه الماء ثلاث مرّات، ثمّ غسل سائر جسده "، أخرجه البخاري و مسلم.
والجنابة تحصل بنزول المنيّ، أو بتغييب الحشفة - وهي طرف الذّكر - في قُبل أو دُبر، حلالاً أو حراماً، وأمّا نزول المذيّ فلا يوجب الغُسل، وإنّما يجب غسل ما أصابه من ثوب أو بدن، لأنّه نجس وناقض للوضوء، بخلاف المنيّ فهو طاهر وناقض للوضوء عند جمهور أهل العلم، وموجب للغسل عند الجميع. والجنب هو من جامع ولو لم ينزل منيّاً، أو أنزل منيّاً ولو لم يجامع، ويستوي في هذا المرأة والرّجل.
المُباحات في الجنابة
يباح للجُنب عدّة أشياء ذكرها العلماء، وذلك لاحتمال حصول اللبس فيها عند بعض المسلمين، ومنها:
- الذّكر، والتّسبيح، والدّعاء: وذلك لما رواه مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها، قالت:" كان النبيُّ - صلّى الله عليه وسلّم - يَذْكُرُ اللهَ على كلِّ أحيانِه ".
- الصّوم: يصحّ من الجُنب أداء الصّوم، وذلك بأن يصبح صائماً قبل أن يغتسل، لحديث سليمان بن يسار، " أنّه سأل أم سلمة رضي الله عنها عن الرّجل يصبح جُنباً أيصوم؟ قالت: كان رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - يصبح جنباً من غير احتلام ثمّ يصوم "، رواه مسلم.
- الأذان: يصحّ أذان الجُنب، مع أنّ جمهور الفقهاء من المذاهب الأربعة وغيرهم كرهوا ذلك.
- خطبة الجمعة: تجوز خطبة الجمعة من الجُنب مع الكراهة عند المالكيّة، وفي ظاهر الرّواية عند الحنفيّة، وهو قول الإمام أحمد، لأنّ الطهارة في خطبة الجمعة سنّة عندهم، وليست شرطاً، ولأنّها من باب الذّكر، والجنب لا يُمنع من الذّكر، وذهب الشافعيّة إلى اشتراط الطّهارة فيها، لمواظبة السّلف على الطّهارة فيها، وقياساً على الصّلاة، والرّاجح هو الأول، وممّا يُستحب للجنب أنّه إذا أراد أن ينام، أو يأكل، أو يعاود الوطئ أن يتوضّأ.
أنواع الغُسل
يقسم الغُسل إلى نوعين كامل ومجزئ، وفيما يلي تفصيلهما:
- الغُسل الكامل: وصفته أن ينوي المسلم، ثمّ يُسمّي، ثمّ يغسل يديه ثلاثاً، ثمّ يغسل ما أصابه الأذى، ثمّ يتوضّأ مثل وضوئه للصلاة، ثمّ يحثي على رأسه ثلاث حثيات، يروي بها أصول شعره، ثمّ يفيض الماء على بقيّة جسده، يبدأ بشقّه الأيمن ثمّ الأيسر، ويدلّك بدنه، مع الاعتناء بإيصال الماء إلى جميع بدنه وشعره، والأصل في ذلك ما في الصّحيحين عن عائشة رضى الله عنها:" أنّ النبي - صلّى الله عليه وسلّم - كان إذا اغتسل من الجنابة يبدأ فيغسل يديه، ثمّ يفرغ بيمينه على شماله، فيغسل فرجه، ثمّ يتوضأ وضوءه للصلاة، ثمّ يأخذ الماء فيدخل أصابعه في أصول الشعر، حتّى إذا رأى أن قد استبرأ، حفن على رأسه ثلاث حفنات، ثمّ أفاض على سائر جسده، ثمّ غسل رجليه ". ولما في الصّحيحين أيضاً عن ميمونة رضي الله عنها، قالت:" وضَعتُ لرسولِ اللهِ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - ماءً يَغتَسِلُ به، فأفرَغ على يدَيه، فغسَلهما مرّتَينِ أو ثلاثًا، ثمّ أفرَغ بيمينِه على شمالِه، فغسَل مَذاكيرَه، ثمّ دلَك يدَه بالأرضِ، ثمّ مَضمَضَ واستَنشَق، ثمّ غسَل وجهَه ويدَيه، وغسَل رأسَه ثلاثًا، ثمّ أفرَغ على جسدِه، ثمّ تنحَّى من مَقامِه، فغسَل قدَمَيه ".
- الغُسل المجزئ: وهو أن يزيل ما به من نجاسة، وينوي ويسمّي، ثمّ يعمّ بدنه بالغسل حتّى فمه، وأنفه، وظاهر شعره، وباطنه.
فرائض الغُسل
للغسل مجموعة من الفرائض والأركان، وهي:
- النّية: وذلك عند الجمهور، وعند الحنفيّة تعدّ سنّةً. والرّاجح قول الجمهور.
- تعميم الشّعر والبشرة بالماء: وهذا فرض باتّفاق الفقهاء.
- المضمضة والاستنشاق: وهما من واجبات الغسل عند الحنفيّة والحنابلة، وذهب الشّافعية والمالكيّة إلى عدم الوجوب.
- الموالاة: وتعني غسلُ العضو قبل أن يجفّ الماءُ عن العضو الذي قبلهُ. وقد ذهب المالكيّة إلى أنّها فرض، وذهب الجمهور إلى أنّ الموالاة سنّة.
- دلك الأعضاء في الغسل: وهو فرض عند المالكيّة والمزني من الشافعيّة، وذهب الجمهور إلى أنّ الدّلك سنّة.
- نقض الضّفائر: قال الشافعيّة أنّه يجب نقض الضّفائر إن لم يصل الماء إلى باطنها إلا بالنّقض. وقال المالكيّة أنّه لا يجب نقض الضّفائر ما لم يشتدّ بنفسه، أو يكون قد ضفر بخيوط، ومنهم من قال: ما كان مضفوراً بأقلّ من ثلاثة خيوط لم ينقض، وما كان مضفوراً بثلاث فما فوقها نقض. والرّجل والمرأة عند المالكيّة والشافعيّة سواء في هذا الحكم.
موجبات الغُسل
للغُسل ستّ موجبات، هي:
- خروج المنيّ بلذّة من غير نائم، فإن كان من نائم فلا يُشترط وجود اللذّة، وهو ما يسمّى بالاحتلام.
- تغييب حشفة في فرج، وهو المعروف بالتقاء الختانين ـ أي الجماع ـ لحديث:" إذا جلس بين شعبها الأربع، ثمّ جهدها فقد وجب الغسل "، متّفق عليه، وزاد أحمد ومسلم:" وإن لم يُنزل ".
- إسلام الكافر.
- خروج دم الحيض، وهو دم أسود منتن يرخيه رحم المرأة، ويخرج من القُبل حال الصّحة، وانقطاعه شرط لصحّة الغسل له.
- خروج دمّ النّفاس، وهو الدّم الخارج من قُبل المرأة بسبب الولادة. والغُسل في كلّ ما سبق يُغني عن الوضوء، لأنّ الحدث الأصغر يدخل في الحدث الأكبر، ولا عكس، فلا يجزئ الوضوء عن الغُسل في أيّ منها.
- الموت، وذلك لغير شهيد المعركة، والمقتول ظلماً، فلا يغسّل.
الأغسال المستحبّة
- غُسل يوم الجمعة، وقيل بوجوبه، والأحوط المحافظة عليه.
- الغُسل للإحرام بالعمرة أو الحجّ.
- غُسل العيدين.
- غُسل من غسّل ميّتاً.