الفراشة … دليل إبداع وعظمة الخالق سبحانه
هل تعلم أنّ الفراشات تولد بلا أجنحة ملونة؟ نعم، تولد دون أجنحة. تلك الفراشات التى تشاهدونها في الحدائق والحقول تمرّ بأربع مراحل حتّى تصبح في تلك الصورة الرّائعة. بعضها يعيش يوما وبعضها يعيش شهراً أو شهرين، وتخرج من البيض في شكل دودة صغيرة، وعندما تكبر هذه الدودة الصغيرة تتحوّل إلى شرنقة وتبدأ المرحلة الثانية للفراشات.
يوجد على جسم الشرنقة ما بين 14 و15 حلقة في رأسها وفي عيونها الصّغار، وفي منطقة الفم، ولديها فم صغير يساعدها على المصّ وهضم الطعام. كما لها 8 أرجل في القسم الأمامي من جسمها.
وقبل أن تتحول الشرنقة لتصبح الفراشة تكون بلا أجنحة وتكون هوائيّاتها قصيرة، وتفرز هذه الدويدة أنواعا مختلفة من خيوط الحرير.
مثل بقيّة الكائنات الحيّة الأخرى، كلّما كبرت الدّويدة ازداد طولها وتكبر إلى أن يضيق بها جلدها ويصبح غير قادر على استيعاب جسمها، فينتج عن ذلك تمزّق جلد الدّويدة شيئا فشيئا إلى أن تتخلّص منه تماماً وينمو بدلاً منه جلد آخر يناسب جسمها.
الدّويدة غذاء لذيذ للطّيور التى تأكل الحشرات، لذلك علّمها الله آليات الدّفاع عن نفسها، فمنها ما ينتصب على أقدامه ويقلد بذلك الأغصان، ومنها ما يختفي بين الأوراق التى تكون من اللون نفسه وبعضها الآخر يتماوت ليبعد عن نفسه الخطر.
هذه التقنيات الهامّة تستعملها الدويدة لتحافظ عن حياتها وتواصل استعمال هذه الخدع حتّى بعد تحوّلها إلى فراشة لأنّ الفراشات تعيش في المناطق التي تناسب ألوانها وبالتالى يسهل عليها الاختباء.
كيف تضبط الفراشات ألوانها حسب المحيط الذي تعيش فيه؟ كيف تتأكّد أنّها في أمان؟ ليس من شك في أنها لا تستطيع تحديد ذلك ولا حسابه، والله تعالى هو الذي خلق الفراشات وهو الذي ألهمها العيش في المناطق المناسبة لها.
هنا ندرك بعض صفات الله تعالى وهي: ” الرَّحْمَنِ ” و ” اللَّطِيف” و ”المنجي”· فالله خلق في جميع مخلوقاته مميّزات تستعملها لدرء الخطر عن أنفسها.
إذن، إذا كان ليس للفراشات عقل تفكّر به فهذا يعني أن الحيل التي تعتمدها هذه الفراشات لا يمكن أن تكون من تلقاء نفسها، فكلّ هذه الطرق ألهمها إياها الله عز وجل، فالله خالق كلّ ما في السّماوات والأرض وعالم به.
تواصل الدويدة نموّها بفضل نظام الحماية الذي وهبه إياها الله تعالى إلى أن تصل إلى المرحلة الثالثة: وفي هذه المرحلة تأكل الدّويدة كثيراً من الورق إلى أن ينتفخ بطنها وتحبس الدويدة نفسها داخل كيس وهنا يبدأ التحوّل.
إن الغشاء الذي يلفّ الدويدة قبل أن تتحوّل إلى فراشة يسمى ”كيزاليت”، وعندما تكون داخل هذا الغشاء لا تتحرّك ولا تأكل أبدا ولا تتغذّى إلاّ من الأوراق التى ادّخرتها داخل بطنها. و”الكيزاليت ” هو قشرة من الورق المشدود في غصن شجرة، فإذا اعترضتكم يوما فانظروا ما بداخلها لأنّه يمكنكم مشاهدة أرجل الفراشة وخرطومها أثناء خروجها من هذا الغشاء.
بعد مرور عشرة أيّام تمزّق الفراشة الغشاء خلال بضعة دقائق، وتخرج إلى الهواء الطلق، لكنّ أجنحتها لم تنمُ بعد بالحجم الطبيعيّ، وهي المرحلة الرّابعة: حيث تنتفخ الأجنحة بسائل يفرزه جسم الفراشة فتبسط جناحيها بذلك، وعندما يجفّ جناحاها تطير الفراشة فوراً دون أن تتعلّم ذلك. كما أنّ هذه الأجنحة تساعد الفراشات على التنفّس.
وكما لاحظتم فإنّ الله يرينا معجزاته من خلال هذه الفراشات الصّغيرة. ولا يزال العلماء إلى اليوم يبحثون عن جواب للسؤال التالي: ” كيف تقرّر الدّويدة التحوّل إلى فراشة؟ ” والجواب الوحيد هو أنّ الله تعالى هو الذي يتصرف في هذا المخلوقات ويغيرها كما يشاء ووقتما يشاء. فالله يرينا قدرته على خلق أنواع مختلفة من المخلوقات ويعلّمنا كيف تتغيّر المخلوقات.
أمّا المعجزة الكبرى فتتمثّل في أنّ أجنحة الفراشات مغلّفة بالحرافيش المنظّمة تنظيما محكما. كيف ظهرت هذه الأجنحة؟ هل اجتمعت هذه الحرافيش عن طريق المصادفة لتكوّن الأجنحة؟ أبدا إن المصادفة ليست قادرة على صنع مثل هذه الأشياء. هل الحرافيش التصقت فوق بعضها البعض وكوّنت الأجنحة؟ وهل وضعت بنفسها هذه الأجنحة فوق ظهرها.
إنّ الفراشة لا تستطيع حتى أن ترى ظهرها، بينما توجد على ظهرها رسوم خارقة متناسقة. والحرافيش ارتسمت بشكل رائع بحيث توجد هذه الرسوم في طرفي الجناح، وإذا قست حجم الرّسوم تجدها جميعا بالحجم نفسه. وكلّ ذلك من صنع الله الذي يرينا قدرته وعلمه اللامحدودين. ونحن نتامل في ملكوته علينا أن نحمد الله ونشكره.