كعبة زرادشت - تاريخها وأسباب بنائها وحاضرها
قد يعرف بعضنا أن الكعبة في مكة لم تكن البناء الوحيد من هذا النوع في منطقتها، بل كان هنالك ما يصل حتى 23 كعبة تنتشر في المكان وليس قبل عام 1925 حتى توقف العرب عن الحج لأخر كعبة وثنية تعرف باسم كعبة «ذو الخلصة» في منطقة تبالة شمال غرب محافظة بيشة بمنطقة عسير بالسعودية حاليًا. لكن ما لا يعرفه الكثيرون أن العرب ليسوا وحدهم من امتلكوا هذه الأبنية المميزة.
إذ هناك كعبة قديمة جدًا في إيران تعرف باسم كعبة زرادشت التي يعود تاريخها إلى عهد الإمبراطورية الأخمينية وتقع في منطقة نقش رستم المعرضة للزلازل في محافظة فارس. على الرغم من أن الكعبة قائمة بعد ما يقرب من 2500 عام، إلا أنها الآن في حالة تدهور شديد وقد تكون عرضة للزلازل الكبرى في المستقبل، ومع ذلك فالكثير من التكهنات والتفسيرات ما زالت تحيط بها وبأصل وجودها.
ما هي نقش رستم؟
نقش رستم هي مقبرة قديمة تقع على بعد حوالي 12 كم شمال غرب مدينة تخت جمشيد أو برسيبوليس، في محافظة فارس بإيران وهي مقبرة تعود للسلالة الأخمينية (حوالي 550-330 قبل الميلاد)، تضم أربعة أضرحة كبيرة منحوتة في وجه الجرف الجبلي. تحتوي هذه المقابر بشكل أساسي على زخارف معمارية ولوحات حجرية كبيرة فوق المداخل متشابهة جدًا في المحتوى، فيها تماثيل للملك الذي يباركه الإله، فوق منطقة بها صفوف من التماثيل الأصغر لأشخاص يدفعون الجزية، مع بعض الجنود والمتنفذين.
أسفل المقابر الأخمينية، بالقرب من مستوى الأرض، توجد نقوش صخرية مع تماثيل كبيرة للملوك الساسانيين، بعضهم وهو يلتقي بالآلهة، والبعض الآخر في خضم القتال. أشهرهم الملك الساساني (شابور الأول) وهو يمتطي حصانًا، حيث ينحني له الإمبراطور الروماني (فاليريان) كأحياء لذكرى معركة الرها في عام 260 بعد الميلاد، عندما أصبح (فاليريان) الإمبراطور الروماني الوحيد الذي أُخذ كأسير حرب، وهو ما اعتبر إذلالًا دائم للرومان.
أسفل المقابر الأخمينية، بالقرب من مستوى الأرض، توجد نقوش صخرية مع تماثيل كبيرة للملوك الساسانيين، بعضهم وهو يلتقي بالآلهة، والبعض الآخر في خضم القتال. أشهرهم الملك الساساني (شابور الأول) وهو يمتطي حصانًا، حيث ينحني له الإمبراطور الروماني (فاليريان) كأحياء لذكرى معركة الرها في عام 260 بعد الميلاد، عندما أصبح (فاليريان) الإمبراطور الروماني الوحيد الذي أُخذ كأسير حرب، وهو ما اعتبر إذلالًا دائم للرومان.
منحوتة للملك أردشير الأول يستغيث بالبطل الأسطوري الفارسي رستم، هذا التمثال موجود في موقع نقش رستم الأثري. |
كذلك نرى (فيليب العربي)، الإمبراطور الذي دفع الجزية (لشابور) ممسكًا بحصان الملك، بينما يركع الإمبراطور (غورديان الثالث) الميت في معركة تحته.. يشير وضع هذه النقوش بوضوح إلى نية الساسانيين ربط أنفسهم بأمجاد الإمبراطورية الأخمينية السابقة.
يعود تاريخ أقدم نقش في المنطقة إلى عام 1000 قبل الميلاد، وعلى الرغم من تعرض ذلك النقش لأضرار بالغة، إلا أنه يظهر صورة باهتة لرجل يرتدي خوذة غير عادية، ويُعتقد أنه من أصل عيلامي، وعيلام هي حضارة ما قبل إيرانية قديمة، توسعت في العصر الحديث إلى أقصى الغرب والجنوب الغربي من إيران من 3300 إلى 539 قبل الميلاد.
الرسم جزء من جدارية أكبر، تمت إزالة معظمها بأمر من (بهرام الثاني). يعطي الرجل ذو القبعة غير العادية الموقع اسمه، نقش رستم لأنه يُعتقد محليًا أن النقش هو تصوير للبطل الأسطوري رستم.
يعود تاريخ أقدم نقش في المنطقة إلى عام 1000 قبل الميلاد، وعلى الرغم من تعرض ذلك النقش لأضرار بالغة، إلا أنه يظهر صورة باهتة لرجل يرتدي خوذة غير عادية، ويُعتقد أنه من أصل عيلامي، وعيلام هي حضارة ما قبل إيرانية قديمة، توسعت في العصر الحديث إلى أقصى الغرب والجنوب الغربي من إيران من 3300 إلى 539 قبل الميلاد.
الرسم جزء من جدارية أكبر، تمت إزالة معظمها بأمر من (بهرام الثاني). يعطي الرجل ذو القبعة غير العادية الموقع اسمه، نقش رستم لأنه يُعتقد محليًا أن النقش هو تصوير للبطل الأسطوري رستم.
ما هي كعبة زرادشت؟
مدخل الكعبة. |
كعبة زرادشت هي نصب تذكاري يمتد قدمه إلى العهد الإخميني، أي حوالي القرن الخامس قبل الميلاد، والنصب مبني على شكل برج في نقش رستم، وهي من الآثار العالمية المهمة، تقع في شمال غرب برسبوليس في إيران
كعبة زرادشت هي نصب يشبه البرج مُشيّد في فترة العهد الأخميني في حوالي القرن الخامس قبل الميلاد، ورغم أن اسمها كعبة فلا دليل أنها كانت مزارًا زرادشتيًا (مجوسيًا)، كما لا توجد تقارير مثبتة تدل على أنها مثّلت صرحًا دينيًا. ولا يوجد أبحاث مؤكدة عن هوية بانيها، فيعتقد أن النصب قد بُني بأمر من (دارا الأول) -وهو الملك الأخميني الثالث- عندما انتقل إلى برسيلوليس. في حين تتضارب آراء ٌأخرى مع هذه الفرضية، فيعتقد آخرون أنه يعود إلى فترة حكم (أردشير الثاني أو الثالث). إلا أن الجدير بالذكر أنه بُني كنسخةٍ من آخر مشابه له في باسارغاد؛ وهي إحدى المدن الفارسية القديمة، والتي تعد العاصمة الأولى للأخمينيين. في حين يعود بناء الجدار المحيط إلى العصر الساساني.
كعبة زرادشت هي نصب يشبه البرج مُشيّد في فترة العهد الأخميني في حوالي القرن الخامس قبل الميلاد، ورغم أن اسمها كعبة فلا دليل أنها كانت مزارًا زرادشتيًا (مجوسيًا)، كما لا توجد تقارير مثبتة تدل على أنها مثّلت صرحًا دينيًا. ولا يوجد أبحاث مؤكدة عن هوية بانيها، فيعتقد أن النصب قد بُني بأمر من (دارا الأول) -وهو الملك الأخميني الثالث- عندما انتقل إلى برسيلوليس. في حين تتضارب آراء ٌأخرى مع هذه الفرضية، فيعتقد آخرون أنه يعود إلى فترة حكم (أردشير الثاني أو الثالث). إلا أن الجدير بالذكر أنه بُني كنسخةٍ من آخر مشابه له في باسارغاد؛ وهي إحدى المدن الفارسية القديمة، والتي تعد العاصمة الأولى للأخمينيين. في حين يعود بناء الجدار المحيط إلى العصر الساساني.
شكل الكعبة
كعبة زرادشت من الجو. |
يتربع البرج على قاعدة حجرية ذات ثلاث درجات وتمتد جوانبه على 7.25 مترًا عرضًا و12.5 مترًا طولًا، يعلوها سقف شبه هرمي يمتدّ لحوالي 1.5 متر؛ وجميعها مبنية من الحجر الكلسي الأبيض. وتزين المبنى من الخارج ثلاث نوافذ كاذبة من الحجر الكلسي الأسود.
يضم داخليًا غرفة وحيدة مربعة بارتفاعٍ يبلغ 5.70 مترًا يؤدي إليها مدخلٌ وعتبةٌ مزينةٌ في النصف العلوي للبرج. أما باب البرج فهو باب محكم الإغلاق يبلغ عرضه 1.70 مترًا وارتفاعه 1.90 مترًا.
أثبتت بعض الأدلة أن بناء كعبة زرادشت يعود إلى أوائل العهد الأخميني، كاستخدام الحجر الأسود على خلفية بيضاء، وهو ما يعتبر من أبرز سمات العمارة في باسارغاد؛ واستخدام مفاصل تعشيق في البناء كتلك المستخدمة في عهد (دارا الأول) و(خشايارشا الأول). كما أن توضع حجارة البناء والنقوش وعدم استخدام الملاط هي سمات تشابه نموذج العمارة المستخدم في منصة برسيلوليس، والتي شيدت في عهد (دارا الأول).
أول من قدم رسوم توضيحية للبرج كان مجموعةٌ من السيّاح الأوروبيين منهم (جان شاردان) و(انغلبرت كايميرير) و(كورنيليس دي بروين). إلا أن (إريك شميت) كان أول من قدم وصفًا علميًا ممثلًا بمجموعة من الصور والمخططات المصوّرة؛ واكتشف أثناء قيادته رحلة بحثية من المعهد الشرقي لجامعة شيكاغو مجموعةً من النقوش الهامة التي تعود إلى عهد (الملك شابور الأول) على جدار الهيكل، وذلك في الفترة ما بين عامي 1936 و1939.
يضم داخليًا غرفة وحيدة مربعة بارتفاعٍ يبلغ 5.70 مترًا يؤدي إليها مدخلٌ وعتبةٌ مزينةٌ في النصف العلوي للبرج. أما باب البرج فهو باب محكم الإغلاق يبلغ عرضه 1.70 مترًا وارتفاعه 1.90 مترًا.
أثبتت بعض الأدلة أن بناء كعبة زرادشت يعود إلى أوائل العهد الأخميني، كاستخدام الحجر الأسود على خلفية بيضاء، وهو ما يعتبر من أبرز سمات العمارة في باسارغاد؛ واستخدام مفاصل تعشيق في البناء كتلك المستخدمة في عهد (دارا الأول) و(خشايارشا الأول). كما أن توضع حجارة البناء والنقوش وعدم استخدام الملاط هي سمات تشابه نموذج العمارة المستخدم في منصة برسيلوليس، والتي شيدت في عهد (دارا الأول).
أول من قدم رسوم توضيحية للبرج كان مجموعةٌ من السيّاح الأوروبيين منهم (جان شاردان) و(انغلبرت كايميرير) و(كورنيليس دي بروين). إلا أن (إريك شميت) كان أول من قدم وصفًا علميًا ممثلًا بمجموعة من الصور والمخططات المصوّرة؛ واكتشف أثناء قيادته رحلة بحثية من المعهد الشرقي لجامعة شيكاغو مجموعةً من النقوش الهامة التي تعود إلى عهد (الملك شابور الأول) على جدار الهيكل، وذلك في الفترة ما بين عامي 1936 و1939.
فرضيات حول أسباب بناء كعبة دزرادشت
يعتبر الأسلوب المعماري المتبع في بناء كعبة زرادشت والبرج المماثل له في باسارغاد مثيرًا للجدل؛ مما دعا العديد من علماء الآثار إلى طرح مجموعة من التفسيرات حول أسباب بنائه، إذا ليس هنالك ما يوضح وظيفة البرج الأساسية التي بُني لأجلها. ومن أبرز هذه الفرضيات:
فرضية معبد النار
ظهرت مجموعة مختلفة من الأسباب التي طرحت بنتيجتها هذه الفرضية، إلا أنها وبالمعظم لم تكن قادرةً على إقناع الباحثين جميعًا على حد سواء، فلاقى كل دليلٍ يُطرح نقيضه الذي نفى احتمالية أن يكون البرج معبدًا دينيًا.
بالمقارنة مع بعض نقوش العصر الساساني يظهر أن تصميم هذا البرج مشابه لتصميم معابد النار في تلك الفترة، وهي الأماكن التي كانت تشعل فيها النيران المقدسة المستخدمة في بعض طقوس الصلوات والاحتفالات الدينية المجوسية. إلا أن هذه الفرضية لاقت الرفض نتيجة عدم وجود أي نوافذ أو أبواب للتهوية، مما سيخمد النار بسرعة كبيرة لانعدام توافر الأكسجين.
قدّم بعض العلماء فرضيات شتّى حول إمكانية بناء البرج كمعبد، وقد أيّد كل من (جيمس مورييه) و(روبرت بروتر) وجهة النظر السابقة في أوائل القرن التاسع عشر؛ إذ كشفت التنقيبات عن وجود لون أسود في الركن الجنوبي الغربي من الغرفة، مما يرجح احتمالية أن النيران المقدسة كانت تشعل هناك.
في السنوات الأخيرة، أيّدت مجموعة أخرى من الباحثين هذه الفرضية. إذ أنه وبحسب ما كتب (دارا الأول) في نقش بيستون، فقد أعاد بناء مجموعة من المعابد التي دمرها (غاوماتا) بنفس الطريقة التي كانت عليها سابقًا. بالإضافة إلى كون سجن سليمان الذي يعود للعهد الأخميني أيضًا قد دمر وجرى استحداثه في منطقة نقش رستم في فترة حكم (دارا الأول)؛ مما يزيد احتمال أن يكون هذان المعبدان هما المذكوران في نقش بيستون. وبما أن جميع المعابد في فترة حكم (دارا) لم تكن سوى معابد للنار، فيمكن القول إن كعبة زرادشت كانت كذلك أيضًا.
وبالعودة قليلًا إلى بداية العصر الساساني، فقد ألّف (شابور الأول) أهم وثيقة في التاريخ الساساني حول كعبة زرادشت، وكتب الكاهن (كرتير) وثيقة دينية عنها، وهو ما يبين الأهمية الدينية لهذا النصب. إلا أنه وعلى الرغم من هذا ففرضية أن يمثل هذا البرج مكانًا دينيًا غير مقنعة تمامًا كونه لا يتسع لأكثر من شخصين في الداخل.
وبعد البحث وجد العلماء أن جميع الأختام الأخمينية تظهر فيها النار المقدسة مشتعلة في الفضاء الحر، وليس في غرفة مغلقة كما كان متوقعًا. ومن غير المحتمل إنفاق كل هذه النقود والجهود لإشعال النار في غرفة مظلمة حيث لا يمكن لها أن تستمر بالاشتعال لوقت طويل.
وقد نقشت صورة أحد الأبراج على القطع النقدية الفارسية في تلك الحقبة، أحادت البصر نحوها قليلًا وخلقت استفسارات حول أن يكون هذا البرج هو نصب كعبة زرادشت؛ وبعد التقصي وجدوا أنه لا يمكن لهذا البرج أن يكون نفسه الكعبة كون البرج الموجود على القطع النقدية يظهر بطول لا يتجاوز المترين ويبدو باب المدخل أكبر بكثير من الباب الموجود في زرادشت، كما ولا يوجد أي انحدار في سقفه ولا مسافة بين المدخل والسقف. ناهيك عن مجموعة من الاختلافات في النقوش والتيجان وغيرها.
بالمقارنة مع بعض نقوش العصر الساساني يظهر أن تصميم هذا البرج مشابه لتصميم معابد النار في تلك الفترة، وهي الأماكن التي كانت تشعل فيها النيران المقدسة المستخدمة في بعض طقوس الصلوات والاحتفالات الدينية المجوسية. إلا أن هذه الفرضية لاقت الرفض نتيجة عدم وجود أي نوافذ أو أبواب للتهوية، مما سيخمد النار بسرعة كبيرة لانعدام توافر الأكسجين.
قدّم بعض العلماء فرضيات شتّى حول إمكانية بناء البرج كمعبد، وقد أيّد كل من (جيمس مورييه) و(روبرت بروتر) وجهة النظر السابقة في أوائل القرن التاسع عشر؛ إذ كشفت التنقيبات عن وجود لون أسود في الركن الجنوبي الغربي من الغرفة، مما يرجح احتمالية أن النيران المقدسة كانت تشعل هناك.
في السنوات الأخيرة، أيّدت مجموعة أخرى من الباحثين هذه الفرضية. إذ أنه وبحسب ما كتب (دارا الأول) في نقش بيستون، فقد أعاد بناء مجموعة من المعابد التي دمرها (غاوماتا) بنفس الطريقة التي كانت عليها سابقًا. بالإضافة إلى كون سجن سليمان الذي يعود للعهد الأخميني أيضًا قد دمر وجرى استحداثه في منطقة نقش رستم في فترة حكم (دارا الأول)؛ مما يزيد احتمال أن يكون هذان المعبدان هما المذكوران في نقش بيستون. وبما أن جميع المعابد في فترة حكم (دارا) لم تكن سوى معابد للنار، فيمكن القول إن كعبة زرادشت كانت كذلك أيضًا.
نوافذ وجدران الكعبة الخارجية |
وبعد البحث وجد العلماء أن جميع الأختام الأخمينية تظهر فيها النار المقدسة مشتعلة في الفضاء الحر، وليس في غرفة مغلقة كما كان متوقعًا. ومن غير المحتمل إنفاق كل هذه النقود والجهود لإشعال النار في غرفة مظلمة حيث لا يمكن لها أن تستمر بالاشتعال لوقت طويل.
وقد نقشت صورة أحد الأبراج على القطع النقدية الفارسية في تلك الحقبة، أحادت البصر نحوها قليلًا وخلقت استفسارات حول أن يكون هذا البرج هو نصب كعبة زرادشت؛ وبعد التقصي وجدوا أنه لا يمكن لهذا البرج أن يكون نفسه الكعبة كون البرج الموجود على القطع النقدية يظهر بطول لا يتجاوز المترين ويبدو باب المدخل أكبر بكثير من الباب الموجود في زرادشت، كما ولا يوجد أي انحدار في سقفه ولا مسافة بين المدخل والسقف. ناهيك عن مجموعة من الاختلافات في النقوش والتيجان وغيرها.
فرضية ضريح زرادشت
مدرج وباب الكعبة |
تكهنت بعض الفرضيات عن كون البرج يمثل أحد أضرحة حكام السلالة الأخمينية. حيث أنه يشبه إلى حد كبير ضريح (قورش الكبير) وبعض الأضرحة الموجودة في ليسيا وكاريا في الشكل العام، كما أنه يحوي غرفة واحدة صغيرة مع باب ثقيل جداً، لذا يمكن اعتباره ضريحًا.
ومن السمات التي أشاعت هذه الفرضية هي بناء كعبة زرادشت بثلاثة طوابق ومنصة لها سلالم؛ وهو الثالوث المتعارف عليه في بناء الأضرحة الأخمينية. ومع ذلك فإن عمليات البحث والتمحيص التي جرت قد خَلُصت إلى أن الكتابات المنقوشة على جدران البرج لا تشير إلى وجود ضريح.
ومن السمات التي أشاعت هذه الفرضية هي بناء كعبة زرادشت بثلاثة طوابق ومنصة لها سلالم؛ وهو الثالوث المتعارف عليه في بناء الأضرحة الأخمينية. ومع ذلك فإن عمليات البحث والتمحيص التي جرت قد خَلُصت إلى أن الكتابات المنقوشة على جدران البرج لا تشير إلى وجود ضريح.
فرضية الخزينة
عملة (فادفراداد الاول) التي تصوّر هيكل مشابه لكعبة زرادشت. |
طرحت مجموعة أخرى من العلماء بمن فيهم (هنري رولينسون) و(والتر هينغ) احتمال أن يكون البرج قد استخدم كخزينة لحفظ االممتلكات الملكية الهامة والوثائق الدينية. ويؤكد الجهد الكبير المبذول لبناء برج يحوي غرفة واحدة مظلمة موصدة الأبواب على أهمية بقاء محتوى البرج في مأمن من السرقة والعبث.
وقد اعتمد (رولينسون) في الدفاع عن نظريته التي أطلقها في عام 1871 على مبادئ الهندسة الدقيقة والحجم المناسب للغرفة، حيث كان باب الغرفة الوحيد ثقيلًا وصلبًا. في حين ربط (والتر هينيغ) فرضيته بالنقوش المنحوتة على الجدران. فقد وجد نقش كبير لـ (شابور الأول) على الجدران، بالإضافة إلى آخر يعود لـ (ارتير) يظهر من خلال تفسيرها أن هذا المكان استعمل لحفظ وثائق دينية وفواتير مختلفة.
وتذكر إحدى السجلات مكانًا استخدم لحفظ العديد من الوثائق والسجلات الهامة والكتب الدينية يعتقد (هينيغ) أن المقصود به كعبة زرادشت. لكن بالعودة إلى ما دونه (ابن البلخي)، فقد ذكر وجود كتاب منقوش على اثني عشر ألف قطعة من جلد البقر في البرج الذي تحدث عنه، وبالتالي لا يمكن لغرفة بهذا الحجم الصغير أن تتسع لمثل هذا الكتاب.
ولدحض هذه الفرضية يمكن القول إن الغرفة صغيرة جدًا لا يمكن حفظ هذه المجموعة الكبيرة من السجلات والوثائق الدينية والملكية فيها، وكان من الضروري وجود موقع أوسع من هذا وأكبر. كما أنه لا يمكن التفكير حتى أنه جرى تفضيل مكان بهذا البعد عن القصور الضخمة والمباني الحكومية والرسمية لحفظ هذه الوثائق.
وقد اعتمد (رولينسون) في الدفاع عن نظريته التي أطلقها في عام 1871 على مبادئ الهندسة الدقيقة والحجم المناسب للغرفة، حيث كان باب الغرفة الوحيد ثقيلًا وصلبًا. في حين ربط (والتر هينيغ) فرضيته بالنقوش المنحوتة على الجدران. فقد وجد نقش كبير لـ (شابور الأول) على الجدران، بالإضافة إلى آخر يعود لـ (ارتير) يظهر من خلال تفسيرها أن هذا المكان استعمل لحفظ وثائق دينية وفواتير مختلفة.
وتذكر إحدى السجلات مكانًا استخدم لحفظ العديد من الوثائق والسجلات الهامة والكتب الدينية يعتقد (هينيغ) أن المقصود به كعبة زرادشت. لكن بالعودة إلى ما دونه (ابن البلخي)، فقد ذكر وجود كتاب منقوش على اثني عشر ألف قطعة من جلد البقر في البرج الذي تحدث عنه، وبالتالي لا يمكن لغرفة بهذا الحجم الصغير أن تتسع لمثل هذا الكتاب.
ولدحض هذه الفرضية يمكن القول إن الغرفة صغيرة جدًا لا يمكن حفظ هذه المجموعة الكبيرة من السجلات والوثائق الدينية والملكية فيها، وكان من الضروري وجود موقع أوسع من هذا وأكبر. كما أنه لا يمكن التفكير حتى أنه جرى تفضيل مكان بهذا البعد عن القصور الضخمة والمباني الحكومية والرسمية لحفظ هذه الوثائق.
الكعبة كمرصد فلكي
ربما استخدم البرج كمرصد فلكي. |
في السنوات الأخيرة، قدم عالم الآثار الإيراني (رضا مرادي غياث آبادي) تفسيرًا جديدًا بعد القيام بعدة بحوث ميدانية. فقد فرض أن النصب مثّل أحد أهم المراصد الفلكية والتقويمية في العالم، إذ يمكن تحديد الشهر واليوم والساعة من انعكاس ضوء الشمس على النصب والظلال الناتجة عن ذلك.
كما يعتقد أن النوافذ الكاذبة والسلالم المقابلة لباب المدخل شكلت الفهرس الشمسي المستخدم لحفظ سجل السنة وفرز السنوات واستخراج التقويمات والكشف عن الانقلابات الصيفية والشتوية والاعتدالين الربيعي والخريفي. ويخلص بالقول إلى أنه يمكن أيضًا الكشف عن بداية كل شهر شمسي من خلال مراقبة الظلال المتشكلة على النوافذ.
وكما سابقاتها، فقد ظهرت بعض الأسباب التي جعلت العلماء يعيدون النظر حول هذه النظرية. وأحد هذه الأسباب هو أن اتجاه الشمال الجغرافي لكل منطقة يمكن أن يكون مختلفًا عن الشمال المغناطيسي. فالميل المداري للشمال المغناطيسي من الشمال الجغرافي يبلغ حوالي 2.5 درجة في نقش رستم، في حين ان الميل المغناطيسي للهيكل يبلغ 18 درجة إلى الغرب بالنسبة للشمال المغناطيسي استنادًا إلى حسابات (شميت).
ولذلك فإن ميل البرج بالنسبة إلى الشمال الجغرافي يكون حوالي 15.5 درجة. في حين اعتبر (غياث آبادي) أن ميل الهيكل من الشمال الجغرافي يبلغ 18 درجة.
كما يعتقد أن النوافذ الكاذبة والسلالم المقابلة لباب المدخل شكلت الفهرس الشمسي المستخدم لحفظ سجل السنة وفرز السنوات واستخراج التقويمات والكشف عن الانقلابات الصيفية والشتوية والاعتدالين الربيعي والخريفي. ويخلص بالقول إلى أنه يمكن أيضًا الكشف عن بداية كل شهر شمسي من خلال مراقبة الظلال المتشكلة على النوافذ.
وكما سابقاتها، فقد ظهرت بعض الأسباب التي جعلت العلماء يعيدون النظر حول هذه النظرية. وأحد هذه الأسباب هو أن اتجاه الشمال الجغرافي لكل منطقة يمكن أن يكون مختلفًا عن الشمال المغناطيسي. فالميل المداري للشمال المغناطيسي من الشمال الجغرافي يبلغ حوالي 2.5 درجة في نقش رستم، في حين ان الميل المغناطيسي للهيكل يبلغ 18 درجة إلى الغرب بالنسبة للشمال المغناطيسي استنادًا إلى حسابات (شميت).
ولذلك فإن ميل البرج بالنسبة إلى الشمال الجغرافي يكون حوالي 15.5 درجة. في حين اعتبر (غياث آبادي) أن ميل الهيكل من الشمال الجغرافي يبلغ 18 درجة.
نقوش (شابور الأول) و(كرتير)
نقوش الكاهن المجوسي (كرتير). |
في الأول من حزيران عام 1936، وبعد مجموعة من العمليات التي أجراها قسم الحفر في معهد جامعة شيكاغو، استطاع العثور على بعض النقوش على جدران البرج، والتي تعود إلى عهد (شابور الأول) و(الكاهن كرتير). إذ كتب (شابور) بثلاث لغات هي اليونانية في حوالي السبعين سطرًا، والبهلوانية الساسانية في 35 سطرًا، بالإضافة إلى ثلاثين سطرًا كتبت باللغة البارثية (البهلوانية الأشكانية) وذلك على ثلاثة جوانب من المبنى.
عمد (شابور) في هذه الأسطر إلى تقديم نفسه وذكر المناطق التي حكمها، ثم بدأ بوصف الحروب الفارسية الرومانية، وأشار إلى هزيمة وموت (ماركوس انطونيوس غورديانيوس)؛ وبعد ذلك أعلنت القوات الرومانية (ماركوس يوليوس فيلبس) امبراطورًا؛ دفع الأخير لـ (شابور) تعويضًا ماليًا بلغ نصف مليون دينار ذهبي.
بعد ذلك وصف (شابور) معركته مع الرومان التي حدثت في أرمينيا ومثلت أكبر هزيمة ألحقها الساسانيون بالرومان آنذاك. ثم يصف (شابور) اعتقاله للقيصر (فاليريان)، ويذكر أسماء الأراضي التي غزاها في تلك المعركة. ثم يتجه ليشكر الإله على منحه قوة النصر، وينصح أخيرًا الخلفاء بالسعي للعمل الإلهي والشؤون الخيرية.
ويعتبر هذا النقش من أهم وثائق العصر الساساني التي تصف الحدود والامتدادات الساسانية في الأراضي. كما سجل هذا النقش كآخر نقش استخدمت فيها اللغة اليونانية في النقوش الفارسية.
في حين وقع نقش (كرتير) على 19 سطرًا باللغة الساسانية، كتبت أسفل نقش (شابور). كتب في عهد (بهرام الثاني) في حوالي 280 ميلادي. يقدم (كرتير) نفسه أولًا ثم يذكر ألقابه التي تقلدها خلال فترات حكم الملوك السابقين، ويذكر تلقيبه بهربد – قب يمنح للكاهن ويعبر عن درجة دينية في الديانة المجوسية- خلال فترة حكم (شابور الأول). كما يتحدث عن تعيين (شابور) له ككبير الكهنة، كما اكتسب لقب إله الكهنة آنذاك.
ثم يذكر (كرتير) أنشطته الدينية مثل محاربة الأديان الأخرى كالمسيحية واليهودية والبوذية، وسجل الملاحظات التي تشير إلى تأسيس معابد النار وتخصيص التبرعات لبنائها. ويذكر بعدها قائمة بالدول التي غزتها مملكة فارس خلال فترة حكم (شابور الأول). ثم ينهي النقش بالصلاة.
عمد (شابور) في هذه الأسطر إلى تقديم نفسه وذكر المناطق التي حكمها، ثم بدأ بوصف الحروب الفارسية الرومانية، وأشار إلى هزيمة وموت (ماركوس انطونيوس غورديانيوس)؛ وبعد ذلك أعلنت القوات الرومانية (ماركوس يوليوس فيلبس) امبراطورًا؛ دفع الأخير لـ (شابور) تعويضًا ماليًا بلغ نصف مليون دينار ذهبي.
بعد ذلك وصف (شابور) معركته مع الرومان التي حدثت في أرمينيا ومثلت أكبر هزيمة ألحقها الساسانيون بالرومان آنذاك. ثم يصف (شابور) اعتقاله للقيصر (فاليريان)، ويذكر أسماء الأراضي التي غزاها في تلك المعركة. ثم يتجه ليشكر الإله على منحه قوة النصر، وينصح أخيرًا الخلفاء بالسعي للعمل الإلهي والشؤون الخيرية.
ويعتبر هذا النقش من أهم وثائق العصر الساساني التي تصف الحدود والامتدادات الساسانية في الأراضي. كما سجل هذا النقش كآخر نقش استخدمت فيها اللغة اليونانية في النقوش الفارسية.
في حين وقع نقش (كرتير) على 19 سطرًا باللغة الساسانية، كتبت أسفل نقش (شابور). كتب في عهد (بهرام الثاني) في حوالي 280 ميلادي. يقدم (كرتير) نفسه أولًا ثم يذكر ألقابه التي تقلدها خلال فترات حكم الملوك السابقين، ويذكر تلقيبه بهربد – قب يمنح للكاهن ويعبر عن درجة دينية في الديانة المجوسية- خلال فترة حكم (شابور الأول). كما يتحدث عن تعيين (شابور) له ككبير الكهنة، كما اكتسب لقب إله الكهنة آنذاك.
ثم يذكر (كرتير) أنشطته الدينية مثل محاربة الأديان الأخرى كالمسيحية واليهودية والبوذية، وسجل الملاحظات التي تشير إلى تأسيس معابد النار وتخصيص التبرعات لبنائها. ويذكر بعدها قائمة بالدول التي غزتها مملكة فارس خلال فترة حكم (شابور الأول). ثم ينهي النقش بالصلاة.
الكعبة في خطر
إيرانيون يطوفون حول ضريح (قورش) كالطواف حول الكعبة. |
أُعرب فريق من الخبراء في السنوات الأخيرة عن مخاوف من فترات الجفاف المطولة التي يمكن أن تعرض البرج لخطر الانهيار. حيث يمكن أن يؤدي انخفاض منسوب المياه الجوفية إلى تغيرات مفاجئة في باطن الأرض يمكن أن تضر بالمبنى.
كما يعد النصب بشكل خاص عرضة للانهيار نتيجة عمره وحقيقة عدم استخدام الملاط أثناء بنائه. فستؤدي أية حركة غير مستقرة تحت الأرض إلى تخلخل المبنى وانهياره.
وجرت مجموعة من الأبحاث والدراسات حول حقيقة هذه المخاوف، إلا انه أثبت فيما بعد أن المبنى يقف بثبات، وأن احتمال تعرضه للانهيار ضئيل جداً. وهذا يعني أنه لا حاجة لإجراء أية تدابير لحماية المبنى الذي بلغ عمره 2500 عام.
لذا طرحت فكرة أن يتم بناء خط سكك حديدية في منطقة مقاربة لنقش رستم في العام 2006، إلا أن هدير القطارات كان يمكن له أن يلحق الضرر بالبرج مستقبلًا، لكن تم تأجيل الخطة. إلا أن المخاوف من بنائه في المستقبل ستبقى تلاحق إدارة موقع التراث العالمي بشكل دائم.
كما يعد النصب بشكل خاص عرضة للانهيار نتيجة عمره وحقيقة عدم استخدام الملاط أثناء بنائه. فستؤدي أية حركة غير مستقرة تحت الأرض إلى تخلخل المبنى وانهياره.
وجرت مجموعة من الأبحاث والدراسات حول حقيقة هذه المخاوف، إلا انه أثبت فيما بعد أن المبنى يقف بثبات، وأن احتمال تعرضه للانهيار ضئيل جداً. وهذا يعني أنه لا حاجة لإجراء أية تدابير لحماية المبنى الذي بلغ عمره 2500 عام.
لذا طرحت فكرة أن يتم بناء خط سكك حديدية في منطقة مقاربة لنقش رستم في العام 2006، إلا أن هدير القطارات كان يمكن له أن يلحق الضرر بالبرج مستقبلًا، لكن تم تأجيل الخطة. إلا أن المخاوف من بنائه في المستقبل ستبقى تلاحق إدارة موقع التراث العالمي بشكل دائم.