نبذة عن حياة الفيلسوف افلاطون
الفيلسوف الإغريقي افلاطون ليس رجلا عاديا فقد اسس اكاديمية كاملة بقيت مرجعا للعديد من الفلاسفة من بعده ، فقد ألف الكثير من الاعمال الفلسفية ، وكان له نفوذ لا مثيل له في الفكر الغربي .
ملخص عن حياة افلاطون :
ولد افلاطون حوالي عام 428 قبل الميلاد، وكان الفيلسوف الإغريقي افلاطون تلميذا لمعلمه سقراط وكان افلاطون معلم ارسطو ، وكانت كتاباته عن استكشاف العدالة، والجمال، والمساواة، وتضمنت ايضا كتاباته العديد من المناقشات حول علم الجمال والفلسفة السياسية، واللاهوت، وعلم الكون، ونظرية المعرفة وفلسفة اللغة ، واسس افلاطون اكاديمية كاملة في اثينا، وكانت بالفعل واحدة من المؤسسات الاولى للتعليم العالي في العالم الغربي ، وتوفي افلاطون في اثينا حوالي 348 قبل الميلاد .
خلفية عن افلاطون :
نظرا لعدم وجود مصادر اولية من الفترة الزمنية الاولي لحياة افلاطون ، الا اننا استطعنا ان نعرف الكثير عن حياة افلاطون من قبل العلماء الذين ذكروه من خلال كتاباتهم وايضا ساهمت كتابات المعاصرين والمؤرخين الكلاسيكية في ذلك .
ويقدر التاريخ التقليدي ولادة افلاطون حوالي 428 قبل الميلاد، ولكن لدي العلماء رأي اخر اكثر حداثة، فيعتقدون انه ولد ما بين 424 او 423 قبل الميلاد ، وكلا من والدي افلاطون جاؤا من الارستقراطية اليونانية ، فكان والد افلاطون يدعي اريستون، وينحدر من ملوك اثينا وميسينيا ، ووالدته فريكتونا .
ويعتقد بعض العلماء ان تسميته بافلاطون كانت منسوبة لاسم جده ، ولكن لا يوجد دليل قاطع على ذلك، وكما هو الحال مع العديد من الصبيان الصغار الذين ينحدرون من ابناء الطبقه الاجتماعية الراقية ، فان افلاطون درس من قبل خيرة المعلمين في اثينا ، ودراسته لمذاهب عديدة مثل فيثاغورس وكذلك بارمنيدس ، ربما ساعدوه كثيرا في تطوير الاساس لدراساته حول الطبيعة ونظريات المعرفة .
وتوفي والد افلاطون عندما كان شابا، وتزوجت والدته من بعده سياسي يوناني معروف وكان ايضا سفيرا في بلاد فارس ، وكما يقول العلماء ان افلاطون كان لديه اثنين من الاخوة الاشقاء، اخت واحدة وشقيق، ولكنه ليس من المؤكد ترتيب افلاطون وسط اخوته ، وعندما كان افلاطون شابا، كان من ذوي الخبرة فكانت له اثنين من اكبر الاحداث التي حددت مساره في الحياة .
وكانت واحدة من اكبر هذه الاحداث هي تلبية النداء الي الفيلسوف اليوناني سقراط العظيم ، فقد اعجب افلاطون بطرق سقراط في الحوار والنقاش كثيرا وسرعان ما اصبح احد المقربين له ، وبدأ ان يكرس افلاطون حياته لقضية الفضيلة وتشكيل شخصية نبيلة ، ويأتي الحدث الاخر في حياة افلاطون في الحرب البيلوبونيزية بين اثينا واسبرطة، فكان بالفعل حدثا مهما له ، فخدم افلاطون لفترة وجيزة ما بين 409 و 404 قبل الميلاد .
وحلت اثينا محل اسبرطة مع الاوليغارشية وهو نظام معادي للديمقراطية ، وكان وقتها اثنان من اقارب افلاطون، يعتبرون شخصيات بارزة في الحكومة الجديدة، ولكن هذا لم ينجح ، فبعد فترة وجيزة تم الإطاحة بالاوليغارشية واستعادة الديمقراطية مرة اخري، وبعد ان نظر افلاطون لفترة وجيزة الي مهنة السياسة تلك ، راجع نفسه ثانية وخاصة بعد إعدام سقراط في عان 399 قبل الميلاد ، فاصابه هذا بالتوتر الشديد ، وبدأ ان يلتف حول دراسة الحياة والفلسفة .
وبعد وفاة معلمه سقراط العظيم ، سافر افلاطون لمدة 12 عاما في جميع انحاء منطقة البحر الابيض المتوسط، وعمل علي دراسة الرياضيات مع نظرية فيثاغورس في إيطاليا، وعمل ايضا علي دراسة كل من الهندسة والجيولوجيا والفلك والدين في مصر ، وفي خلال هذا الوقت، او بعد فترة وجيزة ، بدأ في كتابات واسعة النطاق ، وهناك بعض الجدل بين العلماء علي هذه الكتابات، ولكن معظم العلماء يعتقدون ان هذه الكتابات تنقسم إلى ثلاث فترات متميزة .
نظرة عامة عن فترات حياة افلاطون :
تأتي الفترة الاولي في وقت مبكر، من بعد موت سقراط ، فسافر افلاطون ما بين عامي (399-387 قبل الميلاد ) ، وتشمل نصوصه خلال هذه الفترة الزمنية حوارات يحاول فيها جاهدا نقل فلسفة معلمه وصديقه سقراط وتعاليمه .
اما عن الفترة الثانية، او ما تسمي الفترة الوسطي ، اخذ افلاطون ان يظهر في صوته الكثير من المثل العليا المركزة علي العدالة والشجاعة والحكمة والاعتدال لكل من الفرد والمجتمع ، وكتب من خلال مؤلفاته في هذه الفترة انه يعمل علي التنقيب عن حكومة عادلة يحكمها ملوك فلاسفة .
اما عن الفترة الثالثة، او الفترة التي حاءت في وقت متأخر، هنا بدأ افلاطون في التخلي عن دور سقراط وجعله دورا ثانويا في حياته واخذ افلاطون ان يأخذ نظرة فاحصة على بلده وعن الافكار الميتافيزيقية وذلك في وقت مبكر جدا ، واخذ يستكشف دور الفن، بما في ذلك الرقص، والموسيقى والدراما والهندسة المعمارية، وكذلك الاخلاق والآداب ،فقد ظهر ذلك في كتاباته ، واخذ يقترح افلاطون ان عالم الافكار هو العالم الثابت الوحيد وان العالم ينظر إليه من خلال حواسه المضللة والمتغيرة .
تأسيس افلاطون للاكاديمية :
في وقت ما ، حوالي 385 قبل الميلاد، اسس افلاطون مدرسة للتعليم، والمعروفة باسم الاكاديمية، الذي ترأسها حتى وفاته ، ويعتقد العلماء ان المدرسة او ما تسمي بالاكاديمية تقع في حديقة مغلقة لبطل اثينا الاسطوري ، واخذت تعمل الاكاديمية حتى عام 529 ميلاديا ، حتي تم إغلاقها من قبل الإمبراطور الروماني جستنيان الاول، الذي كان يخشى انها تكون مصدرا للوثنية وتكون بالتالي تهديدا علي المسيحية .
ولكن على مدى سنوات عمل الاكاديمية ، شملت المناهج الاكاديمية الاساسية كعلم الفلك، وعلم الاحياء، والرياضيات، والنظرية السياسية والفلسفة ، قد تأمل افلاطون كثيرا ان هذه الاكاديمية توفر مكانا لقادة المستقبل لاكتشاف كيفية بناء حكومة افضل في دول المدن اليونانية كلها .
وفي عام 367 قبل الميلاد، دعاه ديون الذي يعتبر صديقه وتلميذه في نفس الوقت ، ليكون معلما شخصيا لابن اخيه ، ديونيسيوس الثاني، وهو كان الحاكم الجديد لصقلية ، فاعتقد وقتها ديون ان ديونيسيوس الثاني سيكون زعيما مثاليا ، ووافق افلاطون، على امل ان هذه التجربة من شأنها ان تنتج الملك الفيلسوف المنتظر ، ولكن ديونيسيوس كان اقل بكثير من توقعاته حيث انه اشتبه بديون، وبعده بافلاطون، واتهمهم بالتآمر ضده ، واستطاع ان ينفي ديون ، ووضع افلاطون تحت "الإقامة الجبرية " وفي نهاية المطاف، عاد افلاطون إلى اثينا والاكاديمية ، وكان هناك واحدا من طلابه الذي بالفعل اثار اعجابه الشديد وهو ارسطو ، الذي سيأخذ تعاليم معلمه الي اتجاهات جديدة .
السنوات الاخيرة من حياة افلاطون :
امضى افلاطون سنواته الاخيرة في الاكاديمية مع كتاباته ، ولكن تأتي الظروف المحيطة بوفاته غير واضحة تماما ، فعلى الرغم من انه من المؤكد انه توفي في اثينا حوالي عام 348 قبل الميلاد، حيث كان في اوائل ال 80 عاما ، الا ان العلماء لم يعرفوا طريقة موته ، فيري البعض انه توفي اثناء حضوره حفل زفاف، بينما يعتقد البعض الآخر انه قد مات بسلام اثناء نومه .
كان لافلاطون تأثيرا في الفلسفة وطبيعة البشر ،فاصبح له تأثير دائم حتي ابعد من وطنه اليونان ، فقد شمل عمله طائفة واسعة من المصالح والافكار مثل الرياضيات والعلوم والطبيعة والاخلاق والنظرية السياسية ، وقد اثبتت معتقداته مدي اهمية الرياضيات في التعليم ، وانها ضرورية لفهم الكون كله ، وكان عمله قائم على استخدام العقل لتطوير المجتمع ، وانشاء مجتمع اكثر عدلا ، وان العادل يركز على المساواة بين الافراد في الاساس لعمل ديمقراطية حديثة ناجحة .